عما قليل تتجلى في حللها النضرة، وتتبين أنها لا ما عداها الدنيا إذ هي الخضرة.
٢٤- ومنهم: محمود بن سلمان بن فهد، الحلبي، الكاتب، شيخنا العلامة، حجة الكتاب، فرد الزمان، شهاب الدين، أبو الثناء «١»
* جبل أدب لا مطمع في ارتقائه، وبحر علم لا مطمح إلا إلى ما يؤخذ من تلقائه؛ رقى السماء وتلقى من ربه كلمات علم بها الكتّاب الأسماء؛ ناضلت الدول بأقلامه، وكلمت ملوك العدى بكلامه، فحظي ببرها، وخطب لحفظ سرها، وتقدم باستحقاقه، واستعبد الكلام الحر باسترقاقه، وأقام بالشام ثم بمصر فطاب به الواديان كلاهما، وأغدق نوؤهما وكلؤهما، وكان كاتبا لا يعرف له نظير، ولا يعرف مثله في الزمن الأخير، تعين بدمشق فكان للكتاب والدا، وتفرد بمصر فبقي سهما في الكتابة واحدا، وكان بابل سحر، وعنبر شحر، وعانة مدام، وغاية إقدام، وغابة أسد ذي ظفر دام، لم يزل نجي ملك همام، ورسيل بحر وغمام، بكتب طالما أينعت روضة زهر وأفق سماء، نرجسه الثريا ومجرته النهر؛ وكان لا يرضى بدارات الأقمار لزهره كمامة، ولا بالهلال لظفر قلمه قلامة، بأدب دق على الأدباء، ورق فنسب الجفاء إلى الصهباء، فأشفق الشفق أن يكون لكؤوس كلمه مدامة، ودخان الند أن يكون على عنبر سطوره غمامة، وكان في الديوانين يتصدى لمهمات الإنشاء، فكم أطال لوجوه الأيام غررا، وقلد أعناق