بالبصر، وأبعده قمر نشر بين العشاء والسحر، فما كان بأسرع من أن أصبح، وطرحت العين لحظها كل مطرح، فلما أراد المقام، دعا بالصبوح فسقاه، وفدّاه بأبويه ووقّاه، فقال: دامت لك الدنيا ودمت لأهلها، ثم أرتج عليه فقال المستنصر: حتى تجود لهم بما تحويه، فقام النديم ثم قال: ماذا أقول وهذه نية صدق ظهرت، وبارقة بر ستكون لما بعدها [ص ٣٤] فقال له حسبك، لقد أبلغت، ثم أمر له بألف دينار، وحمله على بغلة من مراكيبه، وصرفه مكرما إلى منزله، مكررا له فضل تطوله.
٢٥- ذكر دولة أخيه العالي «١»
أبي العلى إدريس بن يحيى بن علي بن حمود، وهو الذي سجنه نجا الصقلبي، وغصبه من أصل جده النبي، ونسبه الأبوي مشتق من فعله الأبي، ومحتده الأصيل، يعرف بعطائه الذهبي، وكرمه العلوي ينطق به لسان قراه اللهبي، وأنه يصحح طرف النجم السقيم، ورايته تدمر كل شيء أتت عليه كالريح العقيم، برقه لا يخلف وعدا ولا وعيدا، وأفقه يمطر تارة فضة وذهبا، وتارة حجارة وحديدا، وبويع في اليوم الذي قتل فيه السطيفي وذلك أن نجا لما اعتقل هذا العالي، واستبد بالأمر، خرج من مالقة في جنوده، واستخلف عليها رجلا من خاصته يعرف بالسطيفي، وقصد الجزيرة الخضراء ليقبض على محمد والحسن ابني القاسم بن حمود ولم يظفر بهما، فرجع إلى مالقة خائبا وقد حان حينه أن يزور ثرى الأرض دفينه، فاغتاله ليلا في خبائه بعض عبيد القاسم بن