ديوان المطابخ، وكان من حديث هؤلاء أنهم سرقوا قندا كبيرا، كان قد حمل من غور الكرك، ليطبخ بدمشق للسلطان، فبلغ ذلك الملك الظاهر بيبرس، فأمر بهم فسمّروا، وطيف بهم على الجمال، إلّا هذا الكاتب، فإنّه شفع فيه، فأطلق بعد أن قدّم الجمل ليسرّ، فلمّا استخدمه ابن الآمدي بالبقاع، ضيّق على ابن درباس، فأقام يعمل قريحته فيما يكتبه إلى ابن الآمدي فيه، فلم يأت بشيء، فسأل الورن في ذلك فكتب:[البسيط]
شكية يا وزير العصر أرفقها ... ما كان بأملي هذا من ولاك علي
لم يبق في الأرض مختار إلا فتى ... من بقايا وقعه الجمل
فضحك ابن الآمدي، وقال: قال الحق والله، ثم عزل ذلك الكاتب، ولم يستخدمه بعدها.
ومنهم:
٤٩- يوسف بن أحمد بن محمود، الأسديّ، أبو العزّ وأبو المحاسن، جمال الدين. عرف بابن الطّحان «١٣»
وهو المسمى بالحافظ اليغموري، لنسبته إلى صحبة ابن يغمور. محدّث لا يملّ، ومؤرّخ لا يخلّ، وحافظ مدد بحره لا يقلّ، وفاضل لا يعجز أن يستدلّ، ملأ بخطّه الورق، ورمى بخطبه الفرق، وكتب أوقار أحمال، وأوراق تعاليق تقيّد خطا الجمال، صدوق، نقله محقّق، (١٧١) وقوله مصدّق، وحديثه موثّق. كم له من مجموع حسن، ومسموع ما أطرب به طائر على فنن، وكان له طرف تشفّ، ولطف تخفّ، وأدب شكره واجب، كأنه الغمز بالحواجب. وحكي أنه مرض لابن يغمور مملوك كان يعزّ عليه، وكان يعوده طبيب من أخصّاء أصحابه،