وأما المغاربة فلم يقع إلينا من هذه الطائفة منهم أحد، ممّن هو على شرط هذا الكتاب.
وأما مصر فلم يقع إلينا من أهلها إلّا واحد، ولكنه أيّ واحد! واحد كالألف إن أقرعنا، وهو الزكي عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد بن جعفر بن الحسن بن محمد العدواني المصري. عرف بابن الإصبع. جدّ حتى انقاد له الحظّ، وسهر حتى رقّ عليه قلب الليل الفظّ. طالما تمحّى ليل بإدراكه، وتنحّى سهيل فوقع في أشراكه. مرّ على قطائع الكواكب فساق قلائصها، وسام في طرائد الليل قنائصها. وكان بمصر، وله مثل مقطعاتها، ونضير مصبغات ربيعها ومصبغاتها، قطع شعر، هي السحر الحلال، والبارد العذب لا ماء النيل الزلال. وعليه تخرج جماعة المتأخرين من الأدباء. وكان الأديب أبو الحسين الجزار «١» يمتّ بحضوره لديه، وعرض أوائل شعره عليه. وله عمّ، أي الحسين بسببه حكايات ليس هذا موضعها. مولده سنة خمس، وقيل: سنة تسع وثمانين وخمسمئة بمصر. وتوفي في الثالث والعشرين من شوال سنة أربع وعشرين وستمئة. وله تصانيف مفيدة.
وذكر شيخنا أبو الثناء الكاتب في التوشيع، قال: وقال ابن أبي الإصبع: وما بشعر قلته في هذا الباب من بأس، هو:[البسيط]
بي محنتان ملام في هوى بهما ... يرمى لي القاسيان الحبّ والحجر
لولا الشقيقان من أمنيّة وأسى ... أودى بي الموديان الشوق والفكر
قال شيخنا أبو الثناء: ويحسن أن يسمى ما في بيته مطّرف التوشيع، إذ وقع المثنى في