لا يوحشنّك أنّهم ما ارتاحوا ... ممّا جلاه عليهم المدّاح
فهم كقوم علّقت ثاراتهم ... بيض المرامي والوجوه قباح
ومنهم:
٦- أبو الحسن الزمخشري «١٣»
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي. إمام أيّ بحر بين جنبيه، وأيّ طودخبا في ثوبيه. أيّ بدر طلع من عرفه، وأيّ برق تهلّل في شرفه. شهم أي شهم، وخاطر لا يمرّ به وهم؛ إلّا أنه كان من رؤوس الاعتدال، وصدور أهل الاعتلال، كلمة أجمع عليها أهل السنّة وأطلقت عليه بالتحقيق لا بالظنّة، بان بها انكشافه، وحقّق أمرها كشّافه، وجاور البيت الحرام بمكة باقي مدّته، وثوى بها ثواء لا هبوب من رقدته. وكان بها ربيعا لأهل ذلك الوادي، وضياء لأهلّة ذلك النادي. تسري الركائب إليه، وترى الوفود تمام الحج أن تقف المطايا عليه. وكان يسمّى جار الله وهكذا كان يكتب في الفتاوى. ويقال: إنه كان يرى جواز إباحة المنفعة، ولا يصرّح منه إلّا بطرف إيماء. وقيل: إنه ربّما فعله مع بعض أعزاء أضيافه وأخصّاء نزلائه من أهل ائتلافه.
كان واسع العلم كثير الفضل، غاية في الذكاء وجودة القريحة، متقنا لكل علم، معتزليا قويا في مذهبه، مجاهرا به، حنفيّ الفروع. ورد إلى بغداد غير مرّة، وجاور بمكة، وتلقّب بجار الله تشبيها بأبي المعالي الجويني «١» ؛ إذ يلقب بإمام الحرمين لمجاورته بهما. وكان يلقب