الهاشمي والحاتمي وأسمعوه ما يكره وتماجنوا وتنادروا عليه، فلم يجبهم ولم يفكر فيهم، فقيل له في ذلك: أني قد عزفت من إجابتهم بقولي لمن هو أرفع طبقة في الشعراء منهم.
[الوافر]
أرى المتشاعرين غروا بذمّي ... ومن ذا يحمد الداء العضالا
ومن يك ذا فم مرّ مريض ... يجد مرّا به الماء الزّلالا «١»
ومنهم:
٢٠- أبو علي الحاتمي «١٣»
واسمه محمد بن الحسن بن المظفر، الكاتب اللغوي البغدادي، عقد شوارد اللغة وقد نفرت إبلها، وأقفرت سبلها، وراضت فدلّت صنعته أيّ إدلال، واهتدت بعد أي إضلال، وأضحت لا تفارق أوطانها، ولا تألف إلّا أعطانها «٢» ، فاستفاد القصي واستعاد العصيّ، وجرت على ألسنه الكلم الفصاح وانتظمت في سلكه الجواهر الصحاح، وقد كان قصد أبا الطيب المتنبي في أبهة ورواء وهيبة، لا تخفى على ذوي الآراء، فما رفع إليه رأسا ولا صنع به إيناسا، فواجهه بما فيه. إعضاض القدر وإغضاض الصدر؛ هذا وأبو الطيب قد ترفع عن رتبة السّوقة وقعد في غلمان روقة، ثم قطع بينهما الخصام، ومرمر برهما وأشرف على الانفصام إلّا أن الصلح كان أقرب للتقوى وأغلب عندهما على ما يقوى إلى أهل العلم فهجاه ابن الحجاج وغيره بأهاج مرّة، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمئة.