إلى متى أطلب منك الوصال ... مضى زماني وانقضى بالمطال
يا قلب لا تطمع في وصلهم ... تحصيل مالم يتحصل محال «١»
١٤٩- ومنهم- يحيى الغريب الواسطيّ المشيب
ابن زادة الديسني جمال الدين أبو سعيد المشرقي رجل من الأبناء حسن الأنباء أضرّ بسهم أصابه، وأطال بفقد عينيه مصابه، وأبوه كردي، وأمه من البيت المودودي مات أبوه بالالموت «٢» ، وقد قدر له أن يحيى به ويموت، قال لي ابنه هذا أنه أجزم جزمة غيّرت عليه هولاكو، وكان هو الذي اصطنعه ويسر له من الأمل ممتنعه، فلما ارتكب عنق الجريمة ومنى نفسه العظيمة، أودعه المجلس وأقيم وودعه المجلس، ثم غامت له سماؤه، وغاضت في خلج السيوف دماؤه، ثم أمر به فصلب، وبما ملكت يداه فسلب، وأتبع حريمه وبنوه أشتاتا، وتعاصى عليه الزمان كما واتى. قال واشتراني الصاحب شرف الدين هارون بن الجويني، فصرت إليه وبصرت فتقربت إليه بما كان ينفق عليه، وكان ينفق عليه الغناء، ومجلسه مأهول برب كل فضيلة، وبكل من يأوي منه إلى فضيلة، وكان يغشاه من أهل الغناء الأوحدين كسبا، وزير البر واناه وعبد المؤمن فاخر الأرموي، والزين ابن الدهان الموصلي، وحسن النائي، وسعد الدين السليكو، والبدر الأربلي، وأبو بكر التوريزي، وكانوا كلهم أئمة في هذا الشأن، وكان الصاحب ابن الجويني رحب الندى كريما إليه، وبيته للطارق والمشاب «٣» ، وكرمه ما بعده على الزمان غياب، وكان قد أخذ عن هؤلاء، وعرف جيد الغناء من رديئه بدليل وعن نظر «٤» فاجتهدت في الطلب، واجتهدت نفسي حتى فقت في الطرب، ثم