للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسقنيها مع الصبايا فإني ... أنا شيخ الغرام وهي عجوزي

ومنهم:

٥٥- محمد بن محمد بن محمود أبو عبد الله، شهاب الدين «١٣»

عرف بابن دمرداش. عدل مات على الشهادة، وعاش مدرّعا بالزهادة، وكان في أول أمره على ما كان عليه آباؤه من معاناة الجندية، ومعاياة البروق بمخاصمة سيوفه (٢٠٧) الهندية. خدم الملك المنصور صاحب حماة، واتخذه من نداماه، وأمطره بواكف نعماه، وأسرى إليه صباه ونعاماه. ثم كره حماة بعد صاحبها المنصور، وعاف موردها، واستنزر إثمدها، ولم ير بعده من يرى أن يكون له خديما، أو يعد له نديما. وطفق يقلب يديه، وصدره طافح، وقلبه لهمه مكافح، وحاله لا يلمّ شعثه، كأنه لمّة المحرم، وحظه لا يضيء، كأنه صحيفة المحرم، فخلع عن منكبه ذلك الرداء، وانتهى في معالجة نفسه إلى أن كوى ذلك الداء. وعاد إلى دمشق، وعانى بيع الكتب ومشتراها، وحصل منها الفرائد كما تراها. ثم فقد ما بيده، إلا ما حصله من ذلك الربح الظاهر، وحصنه حفظا في خزانة الخاطر. ثم استرزق بالعدالة بما يقسم له بين الشهود، ويقدر له من المتيسّر الموجود، غير منافس مثلهم في الجعالة، ولا لابسا خلق تلك الحالة، قانعا بما سمحت له به النفوس، وسنحت له ديم الكرم بغير عبوس.

وكان حقيقة تمنح جوهرا، وحقيبة تنفح عنبرا. ومن شعره المطرب نغمه،

<<  <  ج: ص:  >  >>