تفرغ بالتولّع بابن رحمون والإزراء عليه، وكان يزوّر فصولا طبية وفلسفية، يقررها في معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لها، وفارغة لا فائدة فيها، ثم إنه ينفذها إلى من يسأله عن معانيها، ويستوضحه أغراضها، فيتكلم عليها، ويشرحها بزعمه، دون تيقظ ولا تحفظ بل باسترسال واستعجال، وقلة اكتراث واهتبال، فيوجد فيها عنه ما يضحك منه. وأنشدت لجرجس هذا عنه وهو أحسن ما سمعته:[السريع]
إن أبا الخير على جهله ... يخفف في كفته الفاضل
عليله المسكين من شؤمه ... في بحر هلك ما له ساحل
ثلاثة تدخل في دفعة ... طلعته والنعش والغاسل
ومنهم:
١٧٨- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف «١٣»
عالم بأسرار الطبيعة، وعارف بأخبار الشريعة، وفاضل كاد يحوز الفضل جميعه، وكان محبا لكثرة الثراء، ومبلّلا بثرى تربته الخضراء، لا يعدل شيء عنده نعمة الغنى، ولا يصرف إلى غيرها همة المنى، وعانى الصنعة فلم يبتل له منها عود بماء، ولا حصل له صاد الصديق ولا كاف الكيمياء، مهما أنفق من مال، وأخفق من مآل.