واستدعى تقي الدين من مصر فتوقف عن الحضور، وقصد اللحوق بمملوكه قراقوش المستولي على بلاد برقة وأفريقيّة من المغرب، وبلغ السلطان ذلك فساءه، وأرسل يستدعي تقي الدين ويلاطفه فحضر إليه، ولما حضر تقي الدين عند السلطان زاده حماة وعليها منبج والمعرة، (٨٨) وكفر طاب، وميّافارقين، وجبل جور بجميع أعمالها، واستقر العزيز عثمان ولد السلطان بمصر هو والعادل، ولما أخذ السلطان حلب من أخيه العادل عوضه عنها حران والرّها.
وفيها، غدر البرنس صاحب الكرك، وأخذ قافلة عظيمة من المسلمين وأسرهم، وأرسل السلطان يطلب منه إطلاقهم بحكم الهدنة التي كانت بينهم على ذلك فلم يفعل، فأنذر السلطان أنه إن ظفره الله به قتله بيده.
وفيها، توفي البهلوان محمد بن إلدكز «١» صاحب بلد الجبل همذان والري وأصفهان وأذربيجان وأرانية وغيرها من البلاد، وكان عادلا حسن السيرة، وملك البلاد بعده أخوه قزل أرسلان عثمان، وكان السلطان طغريل [بن أرسلان بن طغريل]«٢» بن محمد بن ملكشاه السّلجوقي مع البهلوان، وله الخطبة في بلاده، وليس له من الأمر شيء، فلما مات البهلوان خرج طغريل عن حكم قزل وكثر جمعه واستولى على بعض البلاد، وجرى بينه وبين قزل أرسلان حروب.
وفي سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة «١٣»
كانت مبادئ غزوات صلاح الدين وفتوحه.
ففيها، جمع السلطان العساكر، وسار بفرقة من العسكر وضايق الكرك خوفا على الحجاج من صاحب الكرك، وأرسل فرقة أخرى مع ولده الملك الأفضل