ولي الخلافة صغيرا استقل بأعبائها، وكان قد بويع بعده لأخويه المؤيد ثم الموفق، ثم اجتمع الأتراك عليه وطالبوه أن يخلع نفسه، ولم يزالوا يضربونه «١» حتى أجاب إلى الخلع، وكتبوا بذلك كتابا على نفسه، ثم أدخلوه على المهتدي، فقال له أخلعت نفسك، قال: بل خلعت، فوجئ في قفاه حتى سقط، ثم أقيم فقال: خلعت نفسي وسلمت ورضيت، ثم أخرج في الحر حافيا، فطلب نعلا فلم يعطاه، فأرخى سراويله ومشى عليه، ثم عذب بأنواع العذاب، وأدخل حماما وهو عطشان، ثم أخرجوه فطلب ماء فجىء بماء مثلوج فشربه فمات، وذلك يوم الأربعاء لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ومدة خلافته أربع سنين وسبعة أشهر، وكان عمره أربعا وعشرين سنة، وكان أبيض اللون أسود الشعر جميل الصورة.
ثم:
٦٨- دولة المهتدي بالله
أبي عبد الله محمد «٢» بن هارون الواثق، وكان كلقبه مهتديا، وبالسلف الصالح مقتديا، وللعفاف تابعا، وبالكفاف قانعا، نحا منحى عمر بن عبد