بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد بسم الله الرحمن الرحيم ربّ أعن وإذ انتهت بنا الأوبة في العلماء إلى نوبة الحكماء، فلنطبّق بذكرهم المفاصل، ونطلق من عمود اللحود المناصل، وننبّه منهم عيونا طالما طال نومها، ونأتي بفوائد فيئة كم كثر حسّادها، ونقتصر على المشاهير والأعيان، الذين يكادون يعدّون من المشاهيد، ونأتي منهم بمن تكلم في العلوم الثلاثة: الطبيعي، والرياضي، والإلهي. أو أحدها، وأجاد في جميعها، أو مفردها. فنذكرهم على اختلاف فرق مللهم، ونحلهم، وبلادهم، وتلادهم. كل فرقة على حدتها، بما وقع في قسمة الجانبين، ولم نسم منهم إلا من لم يسامت في أفقه، ولا يساهم أولي كوكبه إلى سمائه، أو أخلد ضبه إلى نفقه، ممن له في علم الكلام إقدام لا يدانيه ليث الشرى، وتلطّف لا يحاكيه طيف الكرى، قصر على طلبه الأشغال، وقصد في التزيد من مكسبه الإيغال، ومن هو بالطب طبّ بتقصّي أحوال المزاج، لا تخفى عليه نبضة عرق، ولا يموّه عليه ومضة حذق، ولا يدق مدخل سقام إلا ودواؤه يتبعه، وسقاؤه سوس يذل له سبعه.