٢- وأما أبو محمّد عبد الله بن عمر بن محمّد الفيّاض «١» ، كاتب «٢» سيف الدولة:
فكان يكتب في ماله، بل كان الممول له، والمخول في كل ما ملك؛ وكان يعجن مداده بالمسك، ولا يليق دواته إلا بماء الورد؛ وكان شعلة لا تطفى، وبارقة لا تخفى، بذهن متقد، وفكر منتقد؛ إلا أن مادته مقصورة، وجادته محصورة، وبدائعه كثيرة، على قلتها يسيرة، إذا قيست إليها النجوم بجملتها، أرضى سيف الدولة بن حمدان، وأمضى عزائم رأيه وقد نعس الفرقدان، فتقدم أمام الكتاب ولواؤه منصور، وعدوّه ببيانه كالليل بالكوكب الدري منحور.
وله نثر، منه قوله: وقد علم الدمستق مواقع سيوفنا منه، وأيامنا الماضية معه، وأنه ما تحامل إلينا إلا على ظلع، ولا أقبل حتى رجع، وها نحن ننشده إمّا القطيعة، وإما الوقيعة، والسلام.
ومنه قوله: وأنتم أحوج إلى طلب الفداء لأساراكم منا إليه، وأجدر إذا استهمت رماح الجبلين عليه؛ لأنكم تربعون به تكثرا من قلة، وتعززا من ذلة؛ ولسنا كذلك، إنا لا نأسف على من نقص من عدد، ولا نبالي بمن أمسك من مدد، ثقة بما عوّد الله من النصر، وأتى من الأجر بالصبر.