رأيت له أشياء كثيرة من صفات مزاوير، وألوان كان يصفها للمرضى على سبيل شهواتهم، ولا يخرج عن مقتضى المداواة، فينتفعون بها، وهذا باب عظيم في العلاج، ورأيته أيضا وقد عالج أمراضا كثيرة مزمنة، كان أصحابها قد سئموا الحياة، ويئس الأطبّاء من برئهم، فبرؤوا على يديه، بأدوية غريبة يصفها، ومعالجات بديعة قد عرفها، وقد ذكرت من ذلك جملا في كتاب" التجارب والفوائد".
توفي الحكيم المذكور في مدينة حمص، في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وست مائة، وقد استدعاه صاحبها لمداواته.
ومنهم:
١٣٣-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني «١٣»
حكيم أطاح طبه رداء السقم، وأطار عن الأعضاء لوثة السأم، فقامت به الأجسام كأنما نشطت من عقال، أو حودثت بعد صدأ الأسقام بصقال، فحظي عند الملوك حظوة زادت في أنسه، وقضى بها يعقوبه حاجة كانت في نفسه.
هذا إلى علم بصناعة الطب حفظت له فيه دروس، ونشأت له به غروس، وكان كأنما خلق من طينة أفلاطون، وجالس جالينوس، حتى اخترمته المنون.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان أعلم أهل زمانه بكتب جالينوس ومعرفتها، دائم الاستحضار لها، كأنها مصورة بين عينيه، لا ينقل إلا عنه، وكان يشرح كتب أبقراط، ويورد نص ما قاله جالينوس في شرحه، وكان يجتمع هو والمهذب عبد الرحيم بدمشق، بدار السلطان، ويجري بينهما مباحث، وكان المهذب أفصح