الرابع إلا قليلا منه فلم يبق به مدن، بخلاف الشرق، فإنه خال من تعطيل البحر لأرضه، فقد جاء كله مدنا، آهلة، وقرى عامرة، ورساتيق «١» متصلة.
قال ابن سعيد: فوجب التسليم من المغاربة في هذه المزية.
[تشبيه بعض الحكماء للأرض]
ولما ذكر ابن سعيد: أن بعض الحكماء شبّه الأرض بجسد آدمي، وعدد أعضاءه، وجعل الصين والهند رأسه، والغرب رجله كما تقدم ذكره في هذا الكتاب «٢» قال: وبهذا التشبيه للمشرق غاية الفخر أن سلّمه إليهم المغاربة.
قلت: وفي قول ابن سعيد (أن سلمه إليهم المغاربة) في هذا الموضع، وقوله فيما تقدم:(فوجب التسليم من المغاربة في هذه المزية) - من الشمس بمضاهاة الشرق ما فيه، ولو اكتفينا بهذه المزية لكان فيها كفاية، لأنه أي مماثلة لجهة، أكثر ما فيها بحار ملح غامرة، بجهة كلها أقاليم ممتدة، عامرة بالمدن والقرى، والثمار والزروع، والأناسي والدواب، يسافرها المسافر كيف شاء، ويضطرب فيها حيث أراد!!!؟ وكيف تسوى بلاد جنوبها الهند، وهم من أهل العلم والحكمة، مع صفاء الألوان، وحسن الصور، وكمال التخطيط، يعمّ الأرض طيبه، وينفحها أرجه «٣» ، ويداوي مرضاها عقاقيره، ويصلح أغذيتها أفاويهه «٤» ، ويزيّن أسرّة ملوكها جوهره- ببلاد جنوبها حثالة السودان المحترقة ألوانهم، المشوّهة صورهم،