مدرة حرب، وندرة أخدان، ما رقم بهم طراز شرب. فهمه مثل سيفه، كلاهما حدّ، ونظمه مثل سيبه، كلاهما ما له حدّ.
وقفت له على شعر كثير، لم يعلق بخاطري منه شيّ، ولا أطلّ على أنهار صحفي منه ظلّ ولا فيّ، إلّا أنّه شاعر مجيد قادر على التوليد. لا يحضرني منه إلا ما أنشده له ابن سعيد، وهو وقوله:[الوافر]
إذا ما اشتقت يوما أن أراكم ... وحال البعد بينكم وبيني
بعثت لكم سوادا في بياض ... لأبصركم بشيء مثل عيني
ومنهم:
٣٩- جمال الدّين، يوسف بن البدر لؤلؤ، الذهبيّ ١»
كما نسبوه الجوهريّ. واللؤلؤ أبوه، والبدر والده، أو هو جماله اليوسفيّ، أو أخوه. وأدبه أعبق في المجامع من النسيم، وأعلق بالمسامع من قرط الثّريّا في أذن الليل البهيم. أدخل على الخواطر من الأفكار، وأوضح للنواظر من رؤية النهار.
وله في نوع التورية من البديع، ما أخمد وراة شراره من قدح، وفرغ الكأس وما أبقى سؤرا في القدح. وكان من شعراء ابن العزيز، عزيزا عنده مكانه، مجيرا له بما يسعه إمكانه، ومما أنشد له ابن سعيد قوله:[البسيط]
والخيل قد نشرت من نقعها صحفا ... قامت كتائبها ما بينها سطرا