وفقئت أعين الحلق؛ وصبر أولياء الله، ولم يزالوا حتى ألحقوا النقابين بجدارها؛ وبوؤوهم المقاعد تحت أسوارها، وأضرموا نارا طاف بأهل السعير سعيرها، ونطقت عما أكنه ضميرها، فانحل من عقود بنيانها ما كان متسق النظام، ونبذ من شمل بروجها ما كان حسن الالتئام، وكانت لا تلوي جيدا صعرا، فألصق خدّها وهي راغمة بالرّغام.
٢٠-[ومنهم] : ابن الأثير الحلبي، تاج الدين، أبو جعفر، أحمد بن سعيد «١»
* رأس المعالي وتاجها، ولقاح المعاني ونتاجها، كان معدن الجلالة، وموطن الرقة والجزالة، ولم يزل بدر الفضائل وكمالها، وصدر المحافل وجمالها، ونفس المآثر وعنصرها، وخاتم المفاخر وخنصرها؛ صحب الأيام مسالما، وقاسم الليالي على النجوم الزهر مساهما، واكتنف البلاغة فقلدته تقليد العموم، وقدمته تقديم الإمام على المأموم، وخدم الدول فأولته إنعاما، وخولته مواهب طالما أخدمته للزمان عاما؛ وكان نداه موارد ملكها، ونهاه عطارد فلكها، فأرته وجوها وساما، وأرضته مصرا وشاما، فأهدى من فرائده ما «٢» ابن العزيز، فاستخدم في ديوان الإنشاء واستكتب، واستعتب له الحظ لو يعتب، ثم نقل إلى الباب الظاهري، فكان هناك أحد المتخذين الأعيان، والمتحدين بسحر البيان، وولي في الأيام الأشرفية كتابة السر بالحضرة السلطانية، فلم يتم الشهر حتى مات، ودفن بغزة، فأغمدت المنايا منه عضبا، ووهبت منه إلى جانب البحر الملح بحرا عذبا،