* قال شيخنا أبو الثناء: كان يبطئ ولا يخطئ. وقال: كان اعتناؤه بالألفاظ أكثر من المعاني.
قلت: ويدل على هذا ما يرى، وقد وقفنا على كثير منه وأكثره متزن، لو تجسد لاختزن؛ كأنه في تساويه سجع الحمامة، أو وقع الغمامة.
وحكي «١» أنه لما أناخ هولاكو على شاطئ الفرات، وفرش خوفه الخدود لمواطئ العبرات، وقطعت من تلك الدولة الأواصر، وأصبحت ومالها قوة ولا ناصر، كان الناصر بن العزيز قد جهز ولده إلى أردو هولاكو بطرف بعثها، وكتاب حل في سطوره عقد السحر ونفثها، كتبه له هذا الكاتب المذكور، واستشهد فيه بالبيت المشهور «٢» : [البسيط]
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
فلما عرضه على الملك الناصر قال له: هذا كتاب لا يلام دونه القاصر، وكان الأنسب في هذا المكان لو استشهدت فيه بقول ابن حمدان «٣» : [الطويل]
فدى نفسه بابن عليه كنفسه ... وفي الشدة الصماء تفنى الذخائر
وقد يقطع العضو النفيس لغيره ... ويدخر للأمر الكبير الكبائر
«٤»
فأقر له بالصواب وعلى نفسه بالخطإ، وبدل الاستشهاد بما قال، ثم ما أنقذ ذلك الكتاب من عثرة ولا أقال.