ويلك، قال: من فرشت داره بالبواري والبردي، فهذا الغناء كثير منه، وكثير أيضا لمن هذه صلته، فضحك الرشيد وطرب وصفق، وأمر له بألف دينار من ماله، فقال له: افرش دارك من هذه، فقال له: وحياتك لا آخذها أو تحكم عليه بما وعدني، وإلا متّ والله أسفا لفوت ما وعدني به، فحكم له على جعفر بخمس مئة دينار، فقبلها جعفر وأمر له بها.
٦٣- عمرو بن أبي الكنّات «١»
مطرب نهج السّنن «٢» القديم، وأحلّ الغائب في محل النديم، واسمع كل ذي إصغاء، وجمع كل ذي ابتغاء، وغنّى والناس في صنوف المعايش لاهية قلوبهم، أشتات مطلوبهم، بين دان ونازح، ومقبل على معاشه، ومقيل في رياشه، فجعلوا رؤيته دأب «٣» نواظرهم، وغناءه شغل خواطرهم، حتى لكاد يطرب الحيتان في الماء، والطير صافات في جو السماء.
قال أبو الفرج، قال بعضهم: وافقت ابن أبي الكنّات في جسر بغداد في أيام الرشيد، فحدثته [بحديث] اتصل بي عن ابن عائشة [ص ١٦٤] في الموسم، أنه مر به فقال: إني لأعرف رجلا لو تكلم لحبس الناس، فلم يذهب أحد ولم يجيء، فقلت: ومن هذا الرجل؟