الزبير «٢» علمه الغناء والفراغ، وظفر الاعتناء منه بما يراغ «٣» ، ولم يرعه من صنعة هذه الصنعة شرف أبيه، وشره مثله إلى ما يعليه، ونزوع نفسه إلى التشبه بأخويه، والتشبث بما كان يؤمل أن يصير إليه. وإنما أعجزه؟ على غرة شبابه عمه إبراهيم فخلّط عليه، وكان ذا جمال لا يدع لذي حسن نفاقا، وكمال يدير «٤» عليه من حذق نطاقا.
قال الأصفهاني: ومن شعره وله فيه صنعة: «٥»[مجزوء الرجز]
قام بقلبي وقعد ... ظبي نفى عني الجلد
خلفني مدلها ... أهيم في كل بلد
أسهرني ثم رقد ... ومارثى لي من كمد
ظبي إذا ازددت له ... تذللا تاه وصد [ص ٢١١]
واعطشا إلى فم ... يمج خمرا من برد
وكان يقال: انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد، ومن اولاد الرشيد إلى محمد وأبي عيسى [وكان أبو عيسى] إذا عزم على الركوب جلس الناس له حتى يروه، اكثر مما كانوا يجلسون للخلفاء.
قال الرشيد لأبي عيسى وهو صبي: ليت جمالك لعبد الله (يعني المأمون) فقال: على أن حظه منك لي، فعجب من جوابه على صباه وضمه إليه وقبله.