ومن ضحكة في الملتقى ثم سكتة ... وكلتاهما عندي ألذّ من الخلد
٥٧- عزّة الميلاء «١»
وضرة الظبية الكحلاء، كان بيتها مأوى كل شريف، ومثوى كل ظريف، ونديّ كل ذي كلف نزح به الغرام، وقرح جفنه وأدماه حب الآرام، أقامت بالمدينة وفتية قريش تغشى معهدها المعمور، وترى مشهدها من مهمات الأمور، وأدركت من الأول السلف قوما شرفت برؤياهم، ولزمت [ص ١٤٧] بهم، ومن لطوالع الشموس بأن تلحق بأخراهم.
قال أبو الفرج، قال يونس: كان ابن سريج في حداثته يأتي المدينة فيسمع من عزّة ويتعلم غناءها، وكان إذا سئل: من أحسن الناس غناء؟ قال: مولاة الأنصار المفضلة على كل من غنّى وضرب بالمعازف والعيدان، من الرجال والنساء.
وكان عبد الله بن جعفر وابن أبي عتيق وعمر بن أبي ربيعة، يغشونها في منزلها فتغنيهم، وغنت يوما عمر بن أبي ربيعة لحنا لها في شيء من شعره، فشقّ ثيابه، وصاح صيحة عظيمة صعق منها، فلما أفاق قال له القوم: لغيرك الجهل يا أبا الخطاب، قال: إني سمعت والله ما لم أملك به نفسي ولا عقلي.