أجيراننا إنّ الدموع التي جرت ... رخاصا على أيدي النّوى لغوال
أقيموا على الوادي ولو عمر ساعة ... كلوث إزار أو كحلّ عقال
ومنهم:
١٩- عمارة بن عليّ بن زيدان الحكمي «١٣»
الفقيه، اليمني، الشافعيّ. شاعر لا تنقشع عارضته، ولا تتوقع معارضته، لو قاومه المغلّب لما ناهضه، أو قاوله الفرزدق لما ناقضه. لا يدرك لبحره قرار، ولا لبدره سرار «١» . كان عربيّا فصيحا، ينطف ردنه خزامى وشيحا، تكلم بلسان العرب فما أخطأ، ولا فات سهما ولا عرفا، بفصاحة تسيل شعابها وتسير هضابها. وأصله من مدينة يقال لها (مرطان) من تهامة، وتأدّبه بزبيد من اليمن. وحج سنة تسع وأربعين وخمسمائة، فسيّره القاسم بن هاشم بن فليتة صاحب مكة المعظمة رسولا إلى مصر، فسرى إليها يتأنّس بمهنّده، ويقطع الظلام يكتحل في كل ميل بإثمد. هذا، ورائد الفضل يقدمه، وقائد الحظّ يخدمه.
فأتى مصر والملك الصالح ابن رزيك يومئذ وزيرها، وبه يبتدأ من يزورها، والفائز اسم ابن رزيك معناه، ومضطجع مهد لولاه لم يلهم لمعناه، فأكرم الصالح منه زائرا أشهى من الطيف لماما، وأخفّ من الضيف مقاما، ودخل على الفائز بقبو الذهب وهو في مجلس كلّ أشمّ الأنف فيه خاضع، وكلّ شامخ الرأس لديه متواضع، وكلّ طرف متشاوس به عضيض، وكلّ جناح همة متعال عنده مهيض، لا يتكلّم فيه إلّا أذن وقال صوابا، ولا يتكلم فيه إلّا من منحه الحصر (٤٦) أن