فقيه نزّل الغناء منزلة حسن الإنشاد، وبنى منزله على بيوته وشاد، حكم في القضاء، وحتم فيه بالإمضاء، ولم ينكر أنه يعرف الغناء، ويقطف منه اجتناء، لم ير بأسا بتصحيح الأصوات، وتنقيح أناشيد الأبيات، تكميلا لما حصل ذكره من فنون، وحصّن صدره من مكنون، حتى تجلت به أولى الليالي الغوابر، وأقالت الأيام الغوابر، وكان كأنما التطم به بحران، وانقاد الفضل كله بالجران، وأعاد دجى الليل وقد طلع بدره الطالع وهو بدران.
قال إسحاق: قدّم إليه رجل خصما له يدّعي عليه حقا، فوجب الحكم «٢» عليه، فأمر به إلى الحبس، فقال [له الرجل] : أنت بغير هذا أعلم منك بهذا، فقال:
ردوه، فردوه، فقال: لعلك تعني الغناء، أي والله، إني لعارف به، ومهما جهلت فإني موجب الحق عليك عالم، اذهبوا به إلى الحبس ليخرج إلى غريمه من حقه.
قال سياط «٣» : رأيت البردان بالمدينة يتولّى سوقها، وقد أسنّ، فقلت: يا عم، إني قد رويت لك صوتا صنعته، فأردت أن تصححه لي، فقال لعله:[الوافر]