١٧٤- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري «١٣»
رجل أخذ الفرائد فنظمها، والفوائد فأجلّها قدرا في الصدور وعظّمها، بطرف طموح وطرف تحت عقد بيانه جموح «١» ، فأثبت الغرر، وأنبت الدرر، وصاغ النجوم وأشباهها، وتبجّس فحكى الغيوم وأمواهها، لفضائل حصّلها من الصّغر، وورد منها أصفى المناهل ولم يعرف الصّدر، فبقيت كتبه قدوة للمتأمّل، وجلوة مثل الصباح المتهلّل.
قال ابن أبي أصيبعة:" أصله من البصرة، ثم انتقل إلى مصر فأقام بها إلى آخر عمره، وكان فاضل النفس، قوي الذكاء، مفننا في العلوم، وكان كثير التصنيف، ظاهر الزهد، ولخّص كثيرا من كتب أرسطو وجالينوس، وشرح العويص، وكان حسن الخط، جيّد العربية".
حكي أنه كان قد وزّر بالبصرة ونواحيها، فمنعته عن النظر، فآثر التجرّد ليتوفّر على العلم، فأظهر خبالا في عقله وتغيّرا في تصوّره، حتى تمكن من مراده، ثم أتى مصر، وأقام بالجامع الأزهر، ثم كان يكتب" أقليدس، والمجسطي" ويتقوّت بالثمن.