للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم:

١٢- أبو بكر بن دريد «١٣»

وهو محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم الأزدي اللغوي البصري. رجل كلامه يداوي المغيظ، وكرمه يفرج اللظيظ «١» ، وعلمه يعلّم الجهول، ويفهّم الذهول، ويعرّف بلسان العرب من جهله، ويرد بإحسان الطلب منهله، بفطن أذابت ما جمد من الألباب، وأذكت ما خمد من الالتهاب، ففتّقت كمام الأفهام، ودفقت جمام الإبهام، فأبدت دقائق العلم وبينت فيه شرفه المخول المعم، فمدّت إليه وهو أخفى من مدارج النمال، وأسرع تغيرا من مناهج الرمال، فأضرب كل ضريب عن مداناته، ولم يحمل فهمه السقيم قدر مداواته.

قال المسعودي: كان ابن دريد ببغداد ممن برع في زماننا هذا في الشعر وانتهى في اللغة، فقام مقام الخليل بن أحمد فيها، وكان يذهب إلى الشعر كل مذهب، فطورا يجزل وطورا يرق، وشعره أكثر من أن نحصيه أو نأتي على أكثره، ومن جيّد شعره مقصورته الفائقة.

قال: وقد عارضه فيها جماعة من الشعراء، منهم أبو القاسم بن أبي الفهم الأنطاكي. ومن ملح شعره: [الكامل]

غرّاء لو جلت الخدور شعاعها ... للشمس عند طلوعها لم تشرق

غصن على دعص تأوّه فوقه ... قمر تألّق تحت ليل مطبق

لو قيل للحسن احتكم من بعدها ... أو قيل خاطب غيرها لم ينطق

وكأننا من فرقها في مغرب ... وكأننا من وجهها في مشرق

تبدو فيهتف في العيون ضياؤها ... الويل حلّ بمقلة لم تطبق «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>