وتعاطى روايتها جماعة الحاضرين شغفا بها، واقترحها على بعض المغنين، فغنّى فيها، وتصرم يومنا بسماعها، حتى أخذ منا الشراب، فيا له يوما كأيام، ثم نطقت إشارته بالتأسف على ما مضى من زمانه، فقلنا له: نحن نتمم لك الحلف من يومك السالف باقتراح الغناء في الأبيات، وإليك ما يقتضيه سماعها، وتقدمنا إلى أبي القاسم عين الزمان وهو حاضر، وكان له مذهب في حسن الإيقاع وجودة الاختراع، فغنى بها في هذا اللحن، فطار المجلس بأهله سرورا وطربا وقام الشيخ الخلفيّ يصفق بيده ثم قال: والله لأؤدينّ هذا الصوت بنقض التوبة، وتناول كأسا فسرّ بها فداخلنا العجب مما رأينا من ارتياحه وطربه، وصار الصوت من قلائد عين الزمان وخاصة غنائه يسميه ناقض التوبة.
٩٤- ومنهم- أبو العبيس بن حمدون
متقن للألحان، مؤثر في الألقاب تأثير بنت الحان، لو تغنى لمغنّ لأزال عنه النصب، أو عاد بعوده لمشف لأزال عنه الوصب، أو وقع على دف لأغناه عن موصول القصب، يطرب السّمع ويرقص في المجلس حتى الشّمع، يعرض دونه الغريض، ويرى علويه وقد انكسر لخفض جناحه المهيض:«١»[الطويل]
فديتك أعدائي كثير وشقتي ... بعيد وأنصاري لديك قليل
وكنت إذا ما جئت جئت بعلّة ... فأفنيت علاتي فكيف أقول؟
فما كل يوم لي بأرضك حاجة ... ولا كل يوم لي إليك رسول
[ص ٢٧٢] والشعر ليحيى بن طالب الحنفي، ويروى لابن الدمينة، والغناء فيه ثقيل أول مزموم، وكذلك من قلائد أصواته:«٢»[الخفيف]