كلّفنى المجمع الثقافي مشكورا، بتحقيق الجزء التاسع عشر من كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، للقاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى ابن فضل الله العمري، وزوّدني بنسخة فريدة من مخطوطة هذا الجزء. وتم الاتفاق بيني وبين المجمع بتاريخ ٢٣ من جمادى الأولى سنة ١٤٢١ هـ الموافق ٢٣/٨/٢٠٠٠ م، على أن تكون المدة المقررة للانتهاء من التحقيق سنة واحدة، وقد انتهيت من التحقيق بتاريخ ١٥/٤/٢٠٠١ م.
وقبل أن أتحدث عن المخطوطة أرى من المستحسن أن أذكر شيئا مقتضبا عن مؤلفها، وأجتزئ بما جاء مختصرا عنه في الوافي بالوفيات للصفدي. قال:
أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري، القاضي شهاب الدين أبو العباس، هو الامام الفاضل البليغ المفوّه الحافظ حجّة الكتّاب، إمام أهل الأدب، أحد رجالات الزمان كتابة وترسلا، يتوقد ذكاء وفطنة، ولا يعتقد أن بينه وبين القاضي الفاضل من جاء مثله، فقد رزقه الله أربعة أشياء قلما تجتمع في غيره وهي: الحافظة والذاكرة والذكاء وحسن القريحة في النظم والنثر.
وكان ذا معرفة دقيقة بتاريخ المغول من لدن جنكزخان وهلمّ جرّا، وإماما في معرفة الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم ومواقع البلدان، ولد بدمشق ثالث شوال سنة سبعمائة، وأخذ العلم عن كبار رجال العصر، وله مصنفات كثيرة أشهرها (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) ، يقع في عشرين مجلدا.