للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوت الذي ادّعته شارية حتى استوفاه، وتضاحكت الأخرى عريب، ثم قالت لجواريها: خذوا في الحق ودعوا الباطل، وغنوا الغناء القديم، فغنت بدعة وسائر جواريها، وخجلت شارية وأطرقت وظهر الانكسار فيها، ولم تنتفع هي يومئذ ولا أحد من جواريها، ولا متعصبيها بأنفسهم.

٣٧- بصبص جارية ابن نفيس «١»

جارية سمراء تهزأ بالأسمر، وترسل في طرفها الأسود الموت الأحمر، انغمست في ماء الدلال، وطبعت على صورة الهلال، بحمرة دبت في وجناتها، وأمكنت بواكير الورد من جناتها، وذبلت نرجس العيون وأقاح المقل من جناتها، وروّقت في رضابها الرحيق، وأشعلت فيما تحت نقابها الحريق، وجلتها كالبدر يعلوه تحت الشفوف غيم رقيق، كلف بها المهدي على عفاف مضاجعه، وكف مطامعه وصارت إلى ملك حيث الملوك إلى أبوابه وافدة، والأقدار له على عدوه مرافدة، واختصها بأنسه، واستخلصها لنفسه، وأولدها عليّة بنت المهدي، ولهذا نزعت إلى أمها، واغترفت الغناء من يمّها، وكانت قد أدّبها ابن نفيس فمهرت، وحجبها مدة مقصورة على التعليم حتى ظهرت.

قال أبو الفرج: كان يحيى بن نفيس مولاها صاحب قيان يغشاه الأشراف، ويسمعون غناء جواريه، وكان فيمن [يغشاه] عبد الله بن مصعب بن ثابت بن

<<  <  ج: ص:  >  >>