أنست ذكر زرقاء اليمامة، وغنت فأغنت عن الورقاء والحمامة، لم يبق معها لليمامية ولو أنها أفضل عين ولا أثر، ولا للزّرقاء «٢» أم بني أمية خبر يقع عليه الطرف إذا عثر، أبدعت في تكميل الغناء وتحصيل ما لا ينصرف عنه للاستغناء، ثم أصبحت والحجب تضرب عنها دونها، والستر يسبل عنها مصونها، والنجوم لا ترمقها، والشموس تشهد منها مشرقها «٣» .
قال أبو الفرج، قال إسحاق، كان روح بن حاتم المهلبي كثير الغشيان لمنزل ابن رامين، وكان يختلف إلى الزرقاء، وكان محمد بن جميل يهواها وتهواه، فقال لها روح بن حاتم: قد ثقل علينا «٤» ، قالت: فما أصنع، قد غمر مولاي ببره، قال: احتالي له، فبات عندهم روح ليلة، فأخذت سراويله وهو نائم فغسلته، فلما أصبح سأل عنه، فقالت: غسلناه، ففطن أنه أحدث فيه فاحتيج إلى غسله، فاستحيا من ذلك وانقطع عنها، وخلا وجهها لابن جميل.
قال: واشترى جعفر بن سليمان الزرقاء بثمانين ألف درهم، فلما مضت لها مدة عنده، قال لها يوما: هل ظفر أحد منك ممن كان يهواك بخلوة أو قبلة، فخشيت أن يبلغه شيء كانت فعلته بحضرة جماعة، أو يكون قد بلغه، فقالت: لا والله، إلا يزيد بن عون العبادي قبلني قبلة وقذف في فمي لؤلؤة بعتها بثلاثين ألف درهم،