قال: هوي محمد بن عيسى الجعفري بصبصا جارية ابن نفيس، فهام بها، وطال عليه ذلك، فقال لصديق له: لقد شغلتني هذه عن ضيعتي وكل أمري، وقد وجدت مسّ السّلوّ عنها، فاذهب بنا حتى أكاشفها بذلك وأستريح، فأتيتها، فلما غنت لهما، قال محمد بن عيسى: أتغنين: «١»[الوافر]
وكنت أحبّكم فسلوت عنكم ... عليكم في دياركم السّلام
قالت لا، ولكني أغني:[الوافر]
تحمّل أهلها عنّا فبانوا ... على آثار من ذهب العفاء
قال: فاستحسنها، ثم زاد بها كلفا، فأطرق ساعة، ثم قال لها: أتغنيني: «٢»[الطويل]
وأخضع بالعتبى إذا كنت مذنبا ... وإن أذنبت كنت الذي أتنصّل
قالت نعم، وأغني:[الطويل]
فإن تقبلوا بالودّ نقبل بمثله ... وننزلكم منّا بأقرب منزل
قال: فتقاطعا في بيتين، وتواصلا في بيتين.
وفي بصبص هذه يقول ابن أبي الزوائد:«٣»[السريع]
بصبص أنت الشمس مزدانة ... فإن تبذّلت فأنت الهلال
سبحانك اللهمّ ما هكذا ... فيما مضى كان يكون الجمال
[ص ١١٠] إذا دعت بالعود في مشهد ... وعاودت يمنى يديها الشمال
غنّت غناء يستفده الفتى ... حذقا وزان الحذق منها الدلال