الأخفش الأصغر. تعين فضله وتحتّم، وتزين بالثريا. ونصب على مدرجة الطريق خيامه، وأكثر ولعه بالفضائل وهيامه. وقد فصل عن العظام، وحلّ من قمطه القدام «١» ، يكلف العلم كلف غيلان بمي، ويهيم في طلبه هيام قيس في كل حيّ، حتى صفّت له عدد الطناف «٢» ، ودنت إليه ثمرة للقطاف. قال ابن خلكان: روى عن المبرّد وثعلب وغيرهما.
قال المرزباني: لم يكن بمتسع في الرواية والأخبار والعلم «٣» بالنحو، وما علمته صنّف مسألة ولا قال شعرا وكان إذا سئل عن مسائل النحو ضجر وابتهر كثيرا ممّن تواصل، كثير الطيرة.
وكان الأخفش كثير المزاح، فكان يباكر قبل كل أحد فيطرق الباب على ابن الرومي، فيقول من بالباب، فيقول الأخفش: حرب من مقاتل وما أشبه ذلك، فكان ابن الرومي كثير الهجاء للأخفش، فلمّا رأى ابن الرومي أنه لا يألم بهجائه ترك هجوه، ومدحه بعد ذلك. وكان الأخفش يواصل المقام عند أبي علي بن مقلة، ويراعيه أبو علي ويبرّه، فشكا إليه في بعض الأيام الإضاقة، وسأله أن يكلم أبو الحسن علي بن عيس، وهو يومئذ وزير في أمره، ويسأله إجراء رزق عليه أسوة بأمثاله، فخاطبه أبو علي في ذلك، فانتهره علي بن عيس وردّ عليه في مجلس حافل، فشقّ على ابن مقلة ما عامله به، وقام من مجلسه، وقد اسودّت الدنيا في عينيه، وصار إلى منزله لائما لنفسه على سؤال علي [بن] عيسى ما سأله، وحلف أنه يجرد في السعي عليه. ووقف الاخفش على الصورة فاغتمّ وانتهت به الحال إلى أن أكل