راحه «١» ، ولا يتعدّاها أمل اقتراحه، وكان رفقته يعيرونه بشرب الخمر، ويسمعونه فيها الملام، ويلحقون بسببه عليه الكلام، وكان يحتمل ويتذرع الصبر ويستملّ. فإذا أمضته ألسنتهم الراشقة، وطعنته أسنّتهم الماشقة قال: لو كان للزنا واللواط رائحة تشم مثل الخمر حتى نهتك كلّ مستتر، ولكن بليته بما تشمّ له رائحة، وابتلوا بما لا تشمّ له رائحة. وتزوج قريب موته بنت أقوش قتّال السبع، وكان أحد أمراء الدولة الأكابر، فكان يطير بجناحه ويقاتل رفاقه المعتدين عليه بسلاحه وكان ينتسب إلى قضم الأعراض وهتك الأحساب، والتجوز في الأذى والتقصد والضرر.
ومنهم:
٢- محمد بن إبراهيم النجادي البجلي
لغوي سوى كلامه الذي يلقى وغير مكامن النقص الذي به يطغى، أتقن لغة العرب وضبطها، وقيّد شواردها النادّة كالإبل وربطها، لا يدانيه ابن قريب «٢» ، ولا أبو عبيدة له إلّا من عبيد الغريب، زيّن هذا بتفنّن في الأدب وتنوع في العلم مكتسب، وكان يتونس في ذرى ملك كساه العلا أثواب البقا، وعلا السماء مرتقى، وفضل أجود من الغمام، وإن لم يسأل حوى سبقا، فقات الأمم وفاء، محاماة على الذمم، وقد ذكره شيخنا أبو حيّان، وأثنى عليه بما لا تذهبه الأحيان، ومما أنشد له قوله:[مجزوء الرجز]