من أغنياء أهل الغناء، وأذكياء أصحاب الاعتناء، ذكره ابن المستوفي في ترجمة البحراني النحوي، قال حدثني صدقة بن محمد الملحن، قال: حضرت القاضي أبا حامد السهروردي وقد صنعت لحنا في أبيات البحراني: [الرمل]
أيّها البارق من وادي سلم ... أبسلمى لك علم قل نعم
أنت لو لم تقتبس من وجهها ... هذه الأنوار لم تجل الظّلم
فارقتنا بقلوب لم يفق ... من هواها وجفون لم تنم
وتولّت ويدي في كبد ... أوقد الوجه عليها فاضطرم
قال: فجعل يهزه الطرب والارتياح، فيميل مثل النشوان مالت به الراح، ويقول:
لمن هذا الشعر الذي دونه السحر؟ فقلت: لأبي عبد الله البحراني، فما زال يستعيده ويكرره ويوفيه في الإحسان حقه، إلى أن تقوض المجلس عليه، وقمنا وبه ما يعلم الله من الشوق إليه، وهذا اللفظ لابن المستوفي.
١٣٤- ومنهم- الحسين بن الحسن
ابن أبي نصر بن منصور الدهان زين الدين أبو عبد الله الموصلي، سابق يوم الرهان، وفاتق عرف بكل وردة من الدهان، تنسب إليه محاسن من الأمور، ويقسم من زخرف بنانه بالسقف المرفوع والبيت المعمور، وتجني من إنعامه كل ذات كمام كأنها زهرة في دهانه، وثمرة غريبة من بدائع ألوانه، أتى بالبديع وأجاد [ص ٣٠٧] في نغمه ودهائه، فجاء في كل منهما بالصنيع، وأبدع فيهما، فقيل هذه البلابل غنت وهذه المصبغات ألوان فصل الربيع، وكان عالما فاضلا أديبا حسن الأخلاق، لا يمل جليسه محادثته، فريد عصره في صناعة الطرب