موضع المعوّل، والوفاء الذي شكر بدونه السموأل، وهو أقدر النّاس على نظم، وأسرع فيه تقريبا لفهم، ومنه قوله:[مجزوء الرجز]
قلت له: كم تشتكي ... أتشتهي خذ واتّكي
فقال: لا. قلت له: ... لا تشتهي وتشتكي
وقوله في زوجة له ماتت، وكانت لخلائقه قد واتت، ثمّ مضت كأنها ما أصبحت عنده، ولا باتت، فجرحه مصابها، وجرّعه صابها، فواصل حزن قلبه قطيعتها، وأنطق لسان شكواه فجيعتها:[الطويل]
أقول لقلبي حين غيبها الثّرى ... تسلّ فكلّ للمنيّة صائر
وفي كلّ شيء للفتى ألف حيلة ... ولا حيلة فيمن حوته المقابر
وقوله:[الكامل]
قالت وقد راودتها عن حالة ... يا جارتي لا تسألي عمّا جرى
إنّي بليت بعاشق في أيره ... كبر بلا فلس ويطلب من ورا
وقوله:[الطويل]
وبي رشأ ريحان خطّ عذاره ... مسلسله حول الحواشي محقّق
على وجنة قد ورّد الورد لونها ... وقلب شقيق الروض منه مشقّق
ومنهم:
٦٧- يحيى بن محمّد بن زكريا، العامريّ
الخبّاز في التنّور. وهو شاعر عطّل الخبّاز البلديّ فنّه، وأنف أن يكون من الخبز أرزي خدنه، وسجر التنّور وأوقده ذهنه، بقريحة محصّلة لم تتّكل، على حاصل ابن القمّاح، ولا قنعت بمدّ (٢٩٠) ابن خضير الحوراني، لما تشكّله على الألواح. ما قدح خاطره المتوقّد إلّا مثل هذا الفكر المسجور، ولا استمرئ فكره المتدفّق إلّا قيل جاء أمر الله وفار التّنّور. تتحاشد عليه المسامع تحاشد الطّبون «١» وتتحاسد تحاسد نظرائه في الزّبون. تدرك فطرته المعاني بخرصها، وتودّ الشمس لو جرّت ناره إلى قرصها. تودّ فحمة الليل لو أنّها في تنّوره أحرقت، وعنبرة الصّدغ لو استدارت بوجوه أرغفته التي أشرقت، بتصرّف لا تتلوّم به الأعذار، ومعنى يخرج من فكره وله الغداة نوار، إلى خطّ كأنّه رغيفه على الألواح له من الشّونيز «٢» عذار. فلو رآه ابن الروميّ لعدل عن مدح صانع