فذكر أنه وجده شاردا، فأمسكه، ولم يجد له صاحبا، فاستصحبه معه، فأودعه السجن ليظهر خبرك، وأعطانا الحمار. فشكر الله، وذهب إلى الوالي وأطلق الرجل.
ومنهم:
٩٦- البوني أبو الحسن «١٣»
قانت أوّاب، وقانع بما عند الله من الثواب، أدرك الحقائق وشهدها، وترك الخلائق ومشهدها، وصحب الدنيا صحبة مفارق، وحلى العلياء حلية هام ومفارق، وحقق فلم يداخله أوهام، وحب فلم يدانه من حب أوهام، فلم تشب إفاضته الشوائب، ولم يشب نواصيه النوائب، وكان ذا فكر جوّال، وذكر قوّال، وشكر لا يتغير بتغير أحوال، فتحقق فضله، وتختم وتطوق فعله بأفعال الجميل وتحتم، ولم أقف له على ترجمة، ولم أقف فيه آثار خواطر محققة ولا مرجّمه، إلا أن الذي بلغ حدّ الاستفاضة، أنه كان ممن خلع رداء الحرص، وبت علائق الأمل، وجدّ في العلم والعمل، ولم يزل حتى سلك الطريقة، ووقف على الحقيقة، وتدبر الأسماء الحسنى، وتكلّم على معانيها بنوع من العلم اللدنّي، وجعل لكل ساعة من ساعات الليالي والأيام، ولسحر كل ليلة توجها خاصا، وكذلك لليلة القدر، ويوم عرفة، على دورانهما في الأسبوع، وكذلك لرؤية هلال كل شهر، وجمع ذلك في كتاب سماه:" اللمعة النورانية".
ولأهل المعارف اعتناء به، وحسن ظن فيه. ويزعمون أن العالم بذلك يتصرف في الوجود، ولهم في ذلك حكايات غريبة، وأحوال عجيبة. وأصله من مدينة بونة، على ساحل البحر الشامي، قرب قسطنطينية، من بلاد أفريقية.