فأما غالب المتأخرين، بل جملة الآخرين فإنهم في الشرق بلا نزاع ولا دفاع، وفيه من بذّ «١» الأوائل واستدرك ما فاتهم من الفضائل. وأما حكماء الهند، وهم قبل اليونان السابقون الأولون، والحفظة المحصلون، فما سمع أن أحدا منهم تزحزح عن مكانه، ولا رضي مثل (ص ١٠) ما رضوا به بدلا من أوطانه. وهذا فخر لا يدفع، ودليل لا يرفع، وعلى تقدير أن يسلم أن مدينة اليونان مفضلة بهم، وإن برحوا عنها، وأن لليونان الفضل الباهر، اتبعوا أم ابتدعوا، فمدينتهم لتوغلها في الشمال أشبه بأن تنسب إليه من الغرب، وهي حقيقة أقرب إلى المحيط بالشمال منها إلى المحيط بالمغرب، وذلك مؤيد فيما ذكرناه لكل مقال، قاطع لكل جدال، فهي شمالية لا مغربية، لا شرقية ولا غربية.
[أصحاب الموسيقى]
فأما أصحاب الموسيقا وإجادة الغناء، فلمن تقدّم من هؤلاء الحكماء في الموسيقا ما يؤخذ عنهم علمه اليقين، وأما توقيع الألحان، وترتيب الأنغام، فإذا طالعت جامع أبي الفرج الأصبهاني «٢» ، هداك النفس الطيب، وعلمت إلى