هل ولد الغرب أمثالهم، أم حدا في الأنموذج مثالهم؟ إن الدّهر بمثلهم لعقيم، ولا عصبية للعظم الرميم، بل هو منهج الحقّ القويم، ومبهج الصدق المستقيم.
فإن قلت أيها القائل لم خلطت بهؤلاء اليونان، ومدينتهم واقعة في الغرب بلا خلاف؟ قلنا: قد نسلّم إليك أن في الغرب مدينتهم، ومن أرضه طينتهم، ولكن من الشرق أصل مددهم، وحاصل ذات يدهم، فإنهم إنما أخذوا عن حكماء الهند غالب علومهم، وغامض معقولهم، ومنهم أوقدوا مصابيح أفهامهم. قال لي شيخنا الحجة فريد الدّهر، وارث العلم والحكمة، أبو الثناء محمود بن أبي القاسم الأصفهاني «١» - أطال الله بقاءه-: إن أرسطو استأثر بكتب الهند، لما غلب الإسكندر على أرضهم، واستعاد ما فيها، ثم أمر بها فحرقت «٢» ، حتى لا تنسب حكمتها إلا إليه، ولا تعرف إلا به. فاعرف من أين الأصل، ولأيّ الأفقين الحكم الفصل. هذا إذا لم يرد عليك من يأتي بنيانك من القواعد، ويقول صحيح إن مدينة اليونان في الغرب، ولكن قد تدبّر الجانب الشرقيّ منهم أناس، وسكن شرقي الخليج القسطنطيني منهم فرق، وقد قرر ابن سعيد المتعصب لكم، والمنتصر لبلادكم أن الخليج القسطنطيني فاصل بين