وكان وصول المركيس إلى صور وإطلاق الفرنج الذين أخذ السلطان بلادهم بالأمان ويطلقهم [إلى صور]«١» من أعظم أسباب الضرر التي حصلت حتى راحت عكّا وقوي الفرنج بذلك.
ثم سار السلطان إلى عسقلان وحاصرها أربعة عشر يوما وتسلمها بالأمان سلخ جمادى الآخرة، ثم بث السلطان عسكره ففتحوا الرملة، والدارون، وغزة، وبيت لحم، وبيت جبريل، والنطرون، وغير ذلك.
(فتح بيت المقدس)
ثم سار السلطان ونازل القدس وبه من النصارى عدد يفوق الحصر، وضايق السلطان السور بالنقابين واشتد القتال بينهم وغلقوا السور. فطلب الفرنج الأمان فلم يجبهم السلطان إليه، وقال: لا آخذها إلا بالسيف مثل ما أخذها الفرنج من المسلمين فعاودوه بالأمان وعرفوه ما هم عليه من الكثرة وأنهم إن أيسوا من الأمان قاتلوا خلاف ذلك فأجابهم السلطان إليه بشرط أن يؤدي كل من بها (٩٢) من الرجال عشرة دنانير، ومن النساء خمسة، ومن الطفل دينارين، ومن عجز عن الأداء كان أسيرا، فأجيب إلى ذلك، وسلمت إليه المدينة يوم الجمعة سابع وعشري رجب، وكان يوما مشهودا ورفعت الأعلام الإسلامية على أسواره، ورتب السلطان على أبواب البلد من يقبض منهم المال المذكور فخان المرتّبون في ذلك ولم يقبضوا منه إلا القليل، وكان على رأس قبة الصخرة صليب كبير مذهب فتسلق المسلمون وقلعوه، وسمع لذلك ضجة عظيمة لم يعهد مثلها من المسلمين للفرح والسرور ومن الكفار التفجع والتوجع، وكان الفرنج قد عملوا في الجامع الأقصى هريا ومستراحا فأمر السلطان بإزالة ذلك، وإعادة الجامع إلى ما كان