أصله من برّ العدوة، ودخل الأندلس متمسكا بالعروة، وكان مطربا أورد الأنس الوافر، ورد السرور النافر، ورق به قلب الليل على أنه كافر، وشجع قوي القلب وكان أجبن من صافر، ولج بلاد النصارى وتوغل في ولوجها، وسكنها وسكن إلى علوجها، ثم عاد إلى حوز المسلمين، ورجع ما كسب إلا الغناء [ص ٣٩١] بعد طول سنين، فاتصل بالعالي واتصف باقتناء الغالي، فأعلى العالي كعبه، ولمّ شعبه، وكان لا يزال يحضره في خلوته، وتجنبه نزع هفواته.
ومن أصواته:«١»[الطويل]
دعتنا بكهف دون حنفاء دعوة ... على عجل دهماء والركب رائح «٢»
إذا الناس قالوا كيف أنت وقد بدا ... ضمير الذي بي قلت للناس صالح
ليرضى صديق أو ليسخط كاشح ... وما كل من سلفته الود ناصح
وإني لتلحاني على أن أحبها ... رجال تعزيهم قلوب صحائح
والشعر لتميم بن أبي [بن] مقبل، والغناء فيه مزموم الرمل.
وكذلك صوته:«٣»[الكامل]
نام الخلي وما أحس رقادي ... والهم محتضر لدي وسادي
من غير ما سقم ولكن شفني ... هم أراه قد أصاب فؤادي «٤»
ومن الحوادث لا أبا لك أنّني ... ضربت علي الأرض بالأسداد