يقصر عن وصفه، وذكر أنه يصحب أقضى القضاة ابن السباك، وله به اعتلاق أكيد، واعتلاء ما عليه لمثله مزيد.
١٥٨- ومنهم- حسين بن عليّ المطريّ العزاويّ
متقن لفضيلة، ومتيقن لخير فضيلة، ومجيد في صناعة يد وخاطر، وسرور سمع وناظر، قرأ كتب الحكمة ودرسها، وصور المشجرات بيده كأنه غرسها، وعرف من الموسيقا ما أخذه بدليل، واطّلع منه على علم جليل، وضرب بآلاته كلها لتكميل الأودات «١» ، لا للتكسب والمعيشة، وترجية زمان يؤمل أن يعيشه، وزيّن هذا كله بنزاهة نفس تعتاف حتى الجليل، ويعف حتى عن الخليل، إلى صفاء باطن ما تكدّر، وصدق وداد ما استحال مثل البكاء وتغير، صحبني بمصر وقدم على دمشق، وصوّر صور هذا الكتاب، وجاء فيه بعجائب التصور والاكتساب، وهو- أعانه الله- ممن قدّر عليه رزقه، إلا أن عفافه يقنعه، وحكمته عن المطالب تمنعه، ورياضته تشغله بحسن ما [ص ٣٦٤] يقرره، وإحسان يده فيما يصنعه، وله أصوات جليلة، منها في قولي:[البسيط]
سعى بكأسيه كي أصلى بناريه ... بالخد والكأس يا سكري بخمريه
ظبي أغنّ أخذت المسك من فمه ... والعنبر الرطب من خطّي عذاريه
يا سيف مقلته الوسنى غررت بنا ... لما استبحت فؤادي في غراريه
لم يرض قلبي ولا عيني لمسكنه ... وا شوقتى منه لم يلمم بداريه
والغناء فيه زنكلا، ومنها قولي:[الخفيف]
حدثاني عن الهوى العذريّ ... واطنبا في عذاره العنبريّ