وكان سببه «١» أنه لما ولي المقتدر، استصغر، فجاء محمد بن داود الوزير فأخرجه من داره إلى دار إبراهيم الماذرائي، ووجهوا إلى القاضي محمد بن يوسف، يوم السبت العشرين من ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين، وحضر جماعة العلماء والقواد، فخلعوا المقتدر وبايعوا ابن المعتز إلا بعضهم، ولقب بالمنتصف بالله، المنتصف بالله، فلما أذنت المغرب ضربت الدبادب «٢» له، وضربت من قصر المقتدر، واشتغل الوزير بكتب الكتب إلى النواحي، وكاد الأمر أن يتم لو أراده الله، فنقض العزائم وأبطل التدبير، لأن سوسن الحاجب كان قد عاقد ابن المعتز على أن يكون حاجبه ويمكنه من المقتدر، فبلغه في تلك الليلة أن ابن المعتز استخلص يمنا الكيفوني فجاء به، فانتقض سوسن عليه، وأحكم الأمر للمقتدر، فلما أصبح ابن المعتز خرج قاصدا قصر المقتدر، فلما بلغ الحسنى خرج عليه العبيد والرجالة فمنعوهم، وأعانهم العامة، فرجع ابن المعتز إلى داره، وعلم من أين أصيب، ثم أن المقتدر جهز جيشا غريبا في الخيل والرجال، فأحاطوا [ص ١٦٣] بدار ابن المعتز، ففر من كان فيها، وبقي ابن المعتز وحده، فتسلل هو ووزيره، وثبت الحسين بن حمدان «٣» ، فقاتلهم إلى الظهر، فأصابه سهم، ففر إلى