فأمّا من الجانب الغربي من أهل هذا الشأن فإنما طّنت لغة العرب في آذانهم وتعلّموا النطق بلسانهم بعد أن أتى عليهم حين من الدهر، وأمسكت مخانقهم بيد القهر، فمنهم أحمد ابن إبراهيم بن أبي عاصم، أبو بكر اللؤلؤي النحوي القيرواني صاحب لغة، حقق علومها وحرّر عمومها، وحطّم أنوفها، وعلم صنوفها واقتادها ذللا ونشرها حللا، وجمع شتاتها واستدرك فوائتها ولم يقنع من الدنيا بدونها، ولا ترك بأرض هدونها «١» ، يخيم بشرف على الهضاب، وحتم ألّا يرشف إلّا الرضاب، وكان لا يسرح إلّا في أنية مرهومة «٢» ، ولا يرى لديه إلّا أردية مرقومة، والعزوم قدّامه جاثية، والأيدي ممّا لديه حاثية «٣» . وكان من النقّاد العلماء في الغريب والنحو وشعر العرب، وله الشعر الفائق، ثم تركه في الآخر وأقبل على طلب الحديث والفقه. توفي سنة ثمان عشرة وثلاثمئة وله ست وأربعون سنة.