واسمه عبد الله بن برّي بن عبد الجبار بن برّي النحوي اللغوي المصري. دخل في خدمة الخلفاء على طريقة ابن بابشاذ، ورفعت به مصر رأسها على بغداذ، وكان من بيت المقدس تربته، ومن الأقصى بها غربته؛ على أن واديه المقدس كان أوطانه إليه وأوطاره. ولو خلع شراك جبينه قبل نعليه. بلغ بعد فراق بيت المقدس غاية في اللسان العربي، ورحل عن الطور فنودي من جانبه الغربي؛ إلّا أنه ما خلا ممّن تكلّم ورماه بسهامه. وما تألم إلّا أنه كان منغمسا في غمار الغفلة، وبعد الذهن الذي ما فيه قلّة، وتعوذ بالله من خلل النسا ولعب السفلة بالرؤساء. أرادت تهذيب أخلاقه فغدرته من مخ جحش شويا، كما حفظت قدرة للثرى كذا رفعت قربة للثريا.
ولد بمصر سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وقرأ على مشايخ زمانه، وانفرد بهذا الشأن.
وقصده الطلبة من الآفاق، وكان عالما بكتاب سيبويه وعلله. قيمّا باللغة وشواهدها، وكان إليه التصفّح في ديوان الإنشاء، لا يصدر كتاب عن الدولة إلى ملوك النواحي إلّا بعد أن يتصفّحه ويصلح ما فيه من خلل خفيّ. وهذه كانت وظيفة ابن بابشاذ. وكان ينسب إلى الغفلة في غير العربية، وتجلّى عنه حكايات.
وتصدّر غير واحد من أصحابه وبرع، وكان قليل التصنيف. له مقدّمة سمّاها اللباب، وجواب المسائل العشر التي سأل عنها أبو تراب ملك النحاة. وحاشيته على صحاح الجوهري فإنها أفردت فجاءت ستة مجلّدات.
قال ابن خلكان: ورأيت له حواشي على درّة الغوّاص في أوهام الخواص للحريري. وله