كان مطربا لو مزج بغنائه الماء لأسكر، أو قرع به المساء لما تنكر «٢» ، أو قرن به القدماء وأنصف لم يكن معه أحد يذكر، ولهذا حسد حتى تحيّل «٣» عليه وتوصّل إلى ما لديه، فأخذ ما كان به يمتاز، وترك ما عنده شيء أحد يعتاز وعلى هذا كان مقدّما، وكان سامعه كأنما يفتح منه إناء مفدّما «٤» . قال أبو الفرج: قدم على المهدي في خلافته فغناه، وكان حسن الصوت، مليح الشمائل، فذكر ابن خرداذبة [أنه بلغه أن] إبراهيم الموصلي حسده على شمائله وإشاراته في الغناء، واشترى عدّة جوار وشاركه [ص ٢٨] فيهن، وقال له: علمهن الغناء فما رزق الله من ربح فهو بيننا، وأمرهنّ [أن] يجعلن وكدهنّ «٥» أخذ إشاراته، ففعلن ذلك، وكان إبراهيم يأخذ عنهن «٦» هو وابنه ويأمرهن بتعليم كل من يعرفنه ذلك حتى شهرها في الناس، فأبطل عليه ما كان منفردا به في ذلك.
قال إسحاق، قال يزيد حوراء: كنت أجلس بالمدينة على أبواب قريش وكانت تمرّ بي جارية تختلف إلى الزرقاء تتعلم منها الغناء، فقلت لها يوما افهمي قولي وردّي جوابي، وكوني عند ظني، فقالت: هات ما عندك، فقلت:
بالله ما اسمك؟ قالت: ممنّعة، فأطرقت طيرة «٧» من اسمها مع طمعي فيها، ثم