للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يلبس ثيابا طوالا تكنس الأرض وهو حاف، مكشوف الرأس، طويل الصمت، قليل استعمال الماء، ولكثير من الناس فيه عقيدة جميلة، ويحكون عنه أنه يكاشفهم في كثير من الأوقات. وكان بعض من يعتقد فيه يحضر له شيئا من المأكول والمشروب، ويجتهد فيه، فيتناول منه قدرا يسيرا.

ولازم هذه الطريقة الشاقة إلى أن توفي في سادس شعبان سنة سبع وخمسين وستمائة، بدمشق. ودفن بتربة المولّهين، بقاسيون، ولم يتخلّف عن جنازته إلا القليل من الناس. وكان من غرائب العالم، يترنّح في مشيته، ولا يلتفت إلى أحد ولا يعبأ به. «١»

ومنهم:

٦٤- الأكّال: محمّد بن خليل بن عبد الوهّاب بن بدر. أبو عبد الله البيطار «١٣»

حبّب إلى الناس حسن منظره، ويمن محضره، فكانوا يغشونه، وكادوا بهدب الأجفان يعشونه، لأنهم كانوا للنصح لا يستغشونه، ولخالص الودّ معه لا يغشونه، فكان لا يزال مجلسه معمورا، ومجالسه معذورا، رغبة في أنسه، ومحبة لنوعه الغريب في جنسه.

وكان يقصد من السلطان فمن دونه بأطايب الطعام، ومواهب الإنعام، وتنوع له تلك الأطعمة، وتبذل في النفقات عليها الأيدي المنعمة، ولا يأكل إلا بالأجرة تلك المآكل، ثم يجعل تلك الجعالة للأرمل والثاكل، فما جاءه منها بالأجرة مقربا أكل منه، وأطعم، وفضّ ختام ذلك المبلغ وأنعم، وما جاءه بغير شيء ردّه، وتركه ما مدّ يده إليه ولا مدّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>