قد تغيرت حالته، واسترخت يداه ورجلاه، وانحلت قوته، وسقط إلى الأرض، فظننتها غشية لحقته، فحللت ثوبه فوجدته عليه إمارات الموت، فتماسكت وقلت لجارية عندي: ليس هذا وقت إظهار الجزع والبكاء، فإن صحت قتلتك، فأحضرت الوزير فأعلمته الحال، فشرعوا في البيعة لولي العهد، وكانت أيامه كثيرة الخير، واسعة الرزق، وعمرت محال بغداد، وتوفي في [يوم السبت خامس عشر المحرم سنة سبع وثمانين وأربع مائة]«١»
ثم:
٨٢- دولة المستظهر بالله
أبي العباس أحمد «٢» بن عبد الله المقتدي، ولم يكن مثل أبيه في تأبّيه، بل كانت له يقظة نبيه، وكان مقبلا على لهوه، مشتملا على زهوه، يميل إلى الخمر، ويميل به سكرا، ويميد بمعطفه، فيسجد ثملا لا شكرا، لا يعرف راحة إلا موصولة براح، ولا اقتداح مسرة إلا بأقداح، فلا يعطل حبب الكؤوس، ولا حبب عقد العجوز العروس، أوقاته كلها طرب وانتشاء، وحرب في كؤوس تدور بها أيدي بدور بكرة وعشاء، وكان ذا حظ من الأدب، وحضّ إليه وندب، وباسمه ألف أبو محمد القاسم بن محمد الحريري كتاب المقامات، بأمر وزيره