الأزهري الهروي اللغوي الإمام المشهور في اللغة. حاز صنوف الفضائل وجمعها، وشذّب أنوف القبائل وجدعها، علا محلّا وفضل كل مجلّى ... ، وترقى غاية تتشكى دونها الرياح الكلال، ويتوقى الليل منجنون «١» الهلال، فجمع مالم يجمع، وسمع ما لم يسمع، فقصّر فيه الإطناب، ومدّ على السماء الأطناب، وملأ عجبا بما نشر، وبلغ طلبا ما كان ليظنّ لبشر، فتقدم ذكرا، وكفل أيامى الكلم وكأنما كفل كلّا منهن بكرا.
قال ابن خلكان: كان فقيها شافعي المذهب، غلبت عليه اللغة فاشتهر بها متفق على فضله وثقته ودرايته وورعه. روى عن المنذري اللغوي وعن ثعلب وغيره، ودخل بغداد وأدرك بها ابن دريد، ولم يرو عنه، وأخذ عن نفطويه، وابن السراج، وقيل إنه لم يأخذ عنه.
وطاف في أرض العرب في طلب اللغة، وروى بخطه قال:
امتحنت بالأسر سنة عارضت القرامطة الحاج بالهبير، كان القوم الذين وقعت سهمهم عربا نشأوا في البادية، يتبعون مساقط الغيث أيام النجع «٢» ، ويرجعون إلى إعداد المياه في محاضرهم زمان القيظ، ويرعون النعم، ويعيشون بألبانها، ويتكلمون بطباعهم البدوية، ولا يكاد يوجد في منطقهم لحن أو خطأ فاحش، فبقيت في أسرهم دهرا طويلا. وكنّا نشتي بالدهناء ونربع بالصّمّان ونقيظ بالسّتارين «٣» . واستفدت من محاورتهم ومخاطبة بعضهم