قلت: لا، قال: قل وأكثر، قلت: مئة مرة؟ قال: أضعف ما بدا لك، قلت: ثلاث مئة مرة؟ قال: أكثر والله من ألف مرة، حتى قالته كذا.
كانت ريّق تقول: إن شارية إذا اضطربت في صوت فغاية ما يكون عنده من عقوبتها أن يقيمها تغنيه على رجلها، فإن لم تبلغ الذي أراد، ضربت ريّق بين يديها «١» .
قال محمد بن سهل بن عبد الكريم: ثم أعطى المعتصم بشارية سبعين ألف دينار.
قال عبد الله بن طاهر: أمرني المعتز ذات يوم بالقيام عنده، فأقمت وأمر فمدّت الستارة، وغنت شارية [ص ١٢٣] ولم أكن سمعتها قبل، فاستحسنت ما سمعت، فقال لي المعتز: يا عبد الله، كيف تسمع منها عندك؟ فقلت: حظ العجب من هذا الغناء أكثر من حظ الطرب فاستحسن ذلك، فأخبرها فاستحسنته.
٤٥- خليدة المكيّة «٢»
خلّدت لها ذكرا، وخلّت حديثها يستحسن وإن كان نكرا، خلقت من طينة العنبر الورد وطابت أنفاسا وإن اسود كأنما نفضت عليها صبغتها الحدق ممّا حدقت ناظرة إليها، إلا أنها كانت ذات ملح ما اشتملت عليها احناء ظلام، ولا مجاجة أقلام، فلهذا عشقت وما ضاعت الأعمار التي أنفقت.
قال أبو الفرج، قال الفضل بن الربيع: ما رأيت ابن جامع يطرب كما يطرب لغناء خليدة المكية.
قال عمر بن شبة: بلغني أن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، أرسل إلى خليدة المكية مولاه أبا عمرو يخطبها عليه، فاستأذنها عليه فأذنت له،