استفتح خلافته بالإحسان «١» ، واستمنح رأفته كل إنسان، فاستصبح الهلال بجبيته، واستصلح الاختلال بجود يمينه، واستقبح مقابلته العدو خوفا، وما أصحر ليثه من عرينه، زمانه ما طال، وليانه ما جلا فجره الكاذب من مطال على أنه منذ ولي شد نطاقه، واحتزم وجدّ انطلاقه، واعتزم حتى كاد يستقيم الأود، ويستديم صلاح ما فسد، وكان على نقص حظه من الأدب، يكرم أهله الكرام إكراما تتطامن له الأقدار، وتتفاطن به الأغمار، لكرم كان عليه مجبولا، وجود كان به [ص ٣٢١] كلفا متبولا.
قدم قرطبة بعد موت أبيه، فصح المعتل، وصلح المختل، وخضع من كان رفع رأسه، وخلع نجاده من تقلد السيف، وقرث أفراسه «٢» ، وبويع البيعة العامة، وتتبع التبعة الطامة، وبقي ينقب عمن قصد عنادا، وقصّر على البغي مرادا، وكان يتدفق مروّة، أحدق ببني مروان موكبها، وأشرق من عبد شمس لعبد شمس كوكبها، فما ورثها من آبائه الغطاريف الألى، عن كلالة ولا استحقها إرثا بالولا.