أما النيابة فقد تقدم قولنا أنه سلطان مختصر في ما هو ناء عن الحضرة، وأن النائب هو المتصرف المطلق التصرف في كل أمر يراجع في الجيش والمال والخبر، وهو البريد وكل ذي وظيفة في نيابته، لا يتصرف إلا بأمره، ولا يفصل أمرا معضلا إلا بمراجعته، وهو يستخدم الجند، ويرتب في الوظائف، وأما ما هو جليل منها كالوزارة والقضاء وكتابة السر والجيش، فإنه ربما عرض على السلطان من يصلح، وقل أن لا «١» يجاب، وربما سمى أكابر هؤلاء النواب ملك الأمراء، وإن حصلت المناقشة لا يستحقها إلا من هو بدمشق لأنه «٢» ليس بالشام قاعدة الملك سواها.
وأما النيابة العظمى فهي نيابة الحضرة ويسمى هذا النائب، كافل الملك، وقد نبهنا فيما تقدم على كبير محله، وهو السلطان الثاني، وجميع نواب الممالك تكاتبه في غالب ما يكاتب فيه السلطان، ويراجعونه فيه كما يراجع السلطان، وهو يستخدم الجند من غير مشاورة، ويعين الإمرة، ولكنه بمشاورة السلطان وعادته أن يركب بالعسكر في أيام المواكب، وينزل الجميع في خدمته، فإذا مثل في حضرة السلطان وقف في ركن الإيوان، فإذا انقضت الخدمة مضى «٣» إلى داره والأمراء معه، ومدلهم السباط [١]«٤» كما يمد السلطان، ويجلس جلوسا عاما للناس، ويحضره أرباب الوظائف، ويقف قدامه الحجاب، وتقرأ عليه القصص، فيقدم إليه الشكاة، ثم يصرف الناس، ولما كانت النيابة قائمة على هذه الصورة،